أَطَلَّ عَلَى الْكَـوْنِ شَهْرُ الصِّيَامْ * كَمَا عَوَّدَ النـَّـاسَ فِي كُلِّ عَامْ
وَأَوْقـــــَـــــدَ رَبـــِّــي مَصَابِيحَهُ * فَأَوْمَتْ إِلَيْنَا السـَّـتمَا بِابْتِسَامْ
هـِــلاَلُكَ فِينـــَـا أَهـــَـــمُّ هِلاَلٍ * وَأَنْتَ بِصــَـدْرِ الشـُّـهُورِ وِسَامْ
يُتـــَـابِعُ رُؤْيَتــَـهُ الْمُسـْــلِمُونــَـا * بِكُلِّ اشْـــتِيــاقٍ وَكُلِّ اهْتِمَامْ
يُحَيــــِّـــرُنَا رَصــــْـــدُهُ كُلَّ عَامٍ * كَحَســـْــنــَاءَ وَانْتَقَبَتْ بِالْغَمَامْ
وَيَخْتـــَـــصِمُ الْفُقَهَاءُ عَلَيــــْــهِ * مَعَ الْفَلَكِيِّينَ أَحــْــلَى اخْتِصَامْ
فَإِنَّ الشُّهُورَ كَمِثْلِ النـــُّـــجُومِ * فَشَهْرُ الصـِّــيــَـامِ كَبَدْرِ التَّمَامْ
وَتَزْدَادُ فِيـــهِ الْمَسَـاجِدُ حُسْنَاً * وَتَمْتـَـدُّ بِالْخَيـــْــرِ أَيْدِي الْكِرَامْ
وَتَسْهَرُ فِيهِ الْقـــُـرَى وَالْبَوَادِي * وَتَخْلَعُ فِي اللَّيْلِ ثـَوْبَ الظَّلاَمْ
وَيَلْتَمِسُ النـــَّــاسُ مِن خَيــْـرِهِ * لِذَلِكَ يـــَـــزْدَادُ فِيــــهِ الزِّحَامْ
وَيَشْبَعُ فِيـهِ الْيَتـــَــامَى الَّذِينَ * يَبِيتـــُــونَ لاَ يَجــِـــدُونَ الإِدَامْ
وَيَنْسَى الْعِبـــَـادُ بـِهِ كُلَّ بُغْضٍ * وَيَلْتَحِمــُـونَ أَشـــَــــدَّ الْتِحَامْ
وَلِلْمـــُــذْنِبِينَ بــــِــهِ فُرْصـــَـةٌ * لِتــْرْكِ المَعَاصِي وَهَجْرِ الْحَرَامْ
يُرَبِّي النُفُوسَ علَى الصَّالِحَاتِ * فَإِنَّ الصـــِّــــيــَـامَ لَهَا كَاللِّجَامْ
وَفِي ضَبـْـطِ وَقْتِ الطَّعَامِ يُرَبِّي* عـَـلَى دِقـــَّــةِ الْوَقْتِ وَالإِلْتِزَامْ
وَيَنْتَظِرُ الْكـــُــلُّ بَعــْـدَ الْعِشَاءِ * صــَــلاَةَ الْقِيـــــَــامِ وَرَاءَ الإِمَامْ
وَمَهـــْــــمَا تَكَلَّمْتُ عَنْ فَضْلِهِ * فَلَنْ يُوفِيَ الْحــَــقَّ فِيهِ الْكَلاَمْ
فَمُذْ كَانَ شَهْرُ الصِّيَامِ عَظِيمَاً * لِذَا فِيهِ تَجــْــرِي الأُمُورُ الْعِظَامْ
لَقــَـدْ كـــَــانَ شَهْرَ انْتِصَارٍ لَنَا * لِمَا أَصْبَحَ الْيـــَـوْمَ شَهْرَ انهِزَامْ
أَرِيحُواْ الْبُطــُـــونَ قَلِيـــــلاً بِهِ * وَلاَ تُطــْــلِقُواْ لِلأَيـــَـادِي الزِّمَامْ
شَرَاهَتُنَا فِيهِ لِلأَكــْــلِ شَيْءٌ * يَفـــُــوقُ التَّشــَــفِّي وَالاِنْتِقَامْ
فَفِي الأَكْلِ إِسْـــرَافُنَا قَدْ أَحَا * لَ شَهْرَ الصـِّــيـَـامِ لِشَهْرِ الْتِهَامْ
فَلاَ هَمَّ لِلنـــَّــاسِ يُذْكــَـرُ فِيهِ * سِوَى طَبْخِ كُلِّ صُنُوفِ الطَعَامْ
أَنَا لَمْ أَقـــَـــلْ فِيـــهِ لاَ يَأْكُلُواْ * وَلـــَــكِن أَقـــُـــولُ كُلُواْ بِانْتِظَامْ
لِمَا بَعــْــدَهُ يَهْجُرُ الدِّيــنَ قَوْمٌ * كَأَنَّ اعْتــَـرَى طَبْعَهُمْ الاِنْفِصَامْ
كَمَا يَفْعَلُ الطــِّـفْلُ مِنَّا رَضِيعَاً * فَأَبْغـَـضُ شَيْءٍ إِلَيــْــهِ الْفِطَامْ
لِذَلِكَ نُوصَفُ فِي كـــُــــلِّ وَادٍ * بِأَنـــَّــا شُــعُوبٌ كُسـَـالَى نِيَامْ
إِذَا نَحــْــنُ لَمْ نَحْتـــَــرِمْ دِينَنَا * فَكَيْفَ سَــنَحْظَى إِذَنْ بِاحْتِرَامْ
[أَشْعَار / الشّيخ يَاسِر الْحَمَدَانِي]
[قُطُوفٌ مِنْ مَوْسُوعَةِ الرَّقَائِق وَالأَدَب . لِلشّيخ يَاسِر الْحَمَدَانِي .]