قصيدة وطن النجوم (إيليا أبو ماضي)
*****************
وطن النجوم أنا هنا حدق أتذكر من أنا ؟
ألمحت في الماضي البعيد فتي غريرا أرعنا ؟
جذلان يمرح في حقولك كالنسيم مدندنا
المقتنى المملوك ملعبه وغير المقتنى!
يتسلق الأشجار لا ضجرا يحس ولا ونى
ويعود بالأغصان يبريها سيوفا أو قنا
ويخوض في وحل الشتاء متهللا متيمنا
لا يتقي شر العيون ولا يخاف الألسنا
ولكم تشيطن كي يقال عنه تشيطنا
أنا ذلك الولد الذي دنياه كانت هاهنا !
أنا من مياهك قطرة فاضت جداول من سنا
أنا من ترابك ذرة ماجت مواكب من منى
أنا من طيورك بلبل غنى بمجدك فاغتنى
حمل الطلاقة والبشاشة في ربوعك للدنى
كم عانقت روحي رباك وصفقت في المنحنى ؟
للأرز يهزأ بالرياح وبالدهور وبالفنا
للبحر ينشره بنوك حضارة وتمدنا
لليل فيك مصليا للصبح فيك مؤذنا
للشمس تبطئ في وداع ذراك كيلا تحزنا
للبدر في نيسان يكحل بالضياء الأعينا
فيذوب في حدق المهى سحرا لطيف لينا
للحفل يرتجل الروائع زنبقا أو سوسنا
للعشب أثقله الندى للغصن أثقله الجنى
عاش الجمال مشردا في الأرض ينشد مسكنا
حتى انكشفت له فألقى رحلة وتوطنا
واستعرض الأرض الجبال فكنت أنت الأحسنا
لله سر فيك يا لبنان لم يعلن لنا
خلق النجوم وخاف أن تغوي العقول وتفتنا
فأعار أرزك مجده وجلاله كي نؤمنا
زعموا سلوتك ليتهم نسبوا إليّ الممكنا
فالمرء قد ينسى المسيء المفتري والمحسنا
والخمر والحسناء والوتر المرنح والغنا
ومرارة الفقر المذل بل ولذات الغنى
لكنه مهما سلا هيهات يسلو الموطنا