مواعظ للإمام الشافعي
يـا راقـدَ الليل مسـروراً بأولـه
إن الحوادثَ قد يطرقْنَ أسحارا
لا تفرحـنَّ بليـلٍ طـابَ أوَّلـهُ
فـربَّ آخـرِ ليـلٍ أجَّجَ النّـَارا
أفنى القـرونَ التي كانتْ منعَّمـة ٌ
كَـرُّ الجديدين إقبـالاً وإدبـاراَ
كم قد أبادتْ صروفُ الدهر من ملِكٍ
قد كان في الدهر نفَّاعاً وضرَّارا
يـا من يعانق دنيـا لابقاءَ لهـا
يمسي ويصبح في دنياه سفَّارا
هلا تركـتَ من الدنيـا معانقـةً
حتى تعانقَ في الفردوس أبكارا
احفظ لسانَـكَ عمـا لايليقُ بـه
وارْعَ الأقارب والأهلين والجارَا
وقل لعينك غضِّي الطـرْفَ واتَّخذي
من نظرةٍ في حلال الله أسوارا
واعلـم بأنَّك مـن طينٍ إذا جمحتْ
للكبر نفسُك كنْ للأصل ذكّارا
وأَحسـنِ الظـنَّ فيمن أنتَ تعرفـه
وابحثْ عن الصدْق إنْ أوتيت أخبارَا
وارفقْ بنفسك منها لا تكنْ رجُـلاً
يسير خلف هواه أينمــا سارَا
فإنْ حـباك إلـه الكـون مرْحمـةً
فذلك الفوز لا كم نِلتَ دينارا
إنْ كنتَ تبغي جنانَ الخلد تسكنُهـا
فينبغي لك أنْ لا تأمنَ النـارَا