في ليلة عُرسه التي كان يتمناها منذ زمن ..
وهو بجوار زوجته وحبيبته التي جمع الله بينهما أخيرًا منذ لحظات ..
نادى منادي رسول الله :"يا خيل الله اركبي، حيّ على الجهاد".
فترك الصحابي الجليل حنظلة بن أبي عامر مخدعه الدافئ وزوجته الحسناء وانطلق مودعًا عروسه التي لم تدرك أنه أول وآخر لقاء لهم في الدنيا ..
انطلق ولسان حاله يقول: لبيك يا رسول الله! على الجهاد في سبيل الله ..
انطلق ولم ينتظر ليغتسل من الجنابة خشية أن يتخلف عن نداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم حمل سيفه وامتطى صهوة جواده واصطف في صفوف المقاتلين !
ثم دارت رحى الحرب وتقابل الجيشان وتشابك الفريقان ،فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة، أشهر البطل حنظلة بن أبي عامر سيفه وشاط في رماح القوم وقاتل قتال من لا يخشى الموت، وما إن كادت المعركة أن تنتهي حتى أتته ضربة غادرة من يد كافر أردته شهيدًا ..
وبينما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتفقد شهداء أُحد وقف مليًا عند رأس حنظلة ، ذلك العريس الشهيد، ويرى الصحابة على وجه النبي علامات الاندهاش والتعجب الممزوج بالفرح ،فسأله الصحابة في ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم:"إني رأيت الملائكة تُغسّل حنظلة بن أبي عامر بين السماء و الأرض بماءٍ من مزن في صحافِ الفضة"..
يقول أحد الصحابة: فذهبنا إلى حنظلة لنراه فوجدنا رأسه تقطر ماءً !
الله أكبر ، كان العُرس في الأرض والغسل في السماء..
كان العرس ليلة واحدة في الدنيا ، لكن عرسه مع الحور العين سوف يستمر في
جنة الخُلد.
هذا الصحابي الجليل ترك عُرسه ولبّى صيحة الجهاد، وأجاب نداء رسول الله ،فماذا تركنا نحن لنسابق إلى طاعة الله ورسوله ؟