من أقوال الرافعي
.......................
لا أريد بالصديق ذلك القرين الذي يصحبك كما يصحبك الشيطان: لا خير لك إلا في معاداته ومخالفته ..
و لا ذلك الرفيق الذي يتصنع لك و يماسحك حتى كان فيك طعم العسل لآن فيه روح الذبابه ..
و لا ذلك الحبيب الذي يكون لك في هم الحب كأنه وطن جديد و قد نفيت إليه نفي المبعدين ..
و لا ذلك الصاحب الذي يكون كجلدة الوجه، تحمر وتصفر لأن الصحة و المرض يتعاقبان عليها فكل أولئك الأصدقاء لا تراهم أبداً إلا على أطراف مصائبك، كأنهم هناك حدود تعرف بها من أين تبتدأ الصداقة .
و لكن الصديق هو الذي إذا حضر رأيت كيف تظهر لك نفسك لتتأمل فيها، و إذا غاب أحسست أن جزءاً منك ليس فيك، فسائرك يحن إليك، فإذا أصبح من ماضيك بعد أن كان من حاضرك، و إذا تحول عنك ليصلك بغير الحدود كما وصلك بالمحدود، واذا مات ..
يومئذ لا تقول أنه مات لك ميت ..
بل مات فيك ميت، ذلك هو الصديق !
.................................
وليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلّة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار، فكل كتاب يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأه ..
..............................
تأتي النعمة فتدني الأقدار من يدك فرع الثمر الحلو وأنت لا تدري جذره ولا تملكه ثم تتحول، فإذا يدك على فرع الثمر المرّ وأنت كذلك لا ترى ولا تملك،
ألا فاعلم أن الإيمان هو الثقة بأن الفرعين يصلانك بالله، فالحلو فرع عبادته بالحمد والشكر وهو الإحلى عندك عندما تذوقه بالحس،
والمر فرع عبادته بالصبر والرضا وهو الأحلى حين تذوقه بالروح !
................................
لأيهما يجب التحصين: ألـ الصاعقة المنقضة أم لـ للمكان الذي يُخشى أن تنقض عليه ؟
لقد أجابت الشريعة الإسلامية : حصنوا المكان، و أجابت المدنية : حصنوا الصاعقة !!
................................
سرورك من الصديق الطيب لا يكلفك إلا أن تستمتع به، و أنت لا تخسر فيه إذا زال أنه زال؛ فإذا لم يكن الطيب في نفسه طيباً كذلك في أثره .. فهو الخبيث !
..........................
ليس بحبٍ إلا ما عرفتَه ارتقاءً نفسياً، تعلو فيه الروح بين سماوين من البشرية، فتلوح منهما كالمصباح بين مرآتين: يكون واحداً و ترى منهُ العينُ ثلاثة مصابيح:
فكأنّ الحب هو تعدد الروح في نفسها و في محبوبها.
.................................
إنما الرجولة في ثلاث:
عمل الرجل على أن يكون في موضعه من الواجبات كلها قبل أن يكون في هواه، و قبوله ذلك الموضع بقبول العامل الواثق من أجره العظيم، و الثالثة: قدرته على العمل و القبول إلى النهاية ..
و لن تقوم هذه الثلاث إلا بثلاث أخرى:
الإدراك الصحيح للغاية من الحياة، و جعل ما يحبه الانسان و يكرهه موافقاً لما أدرك من هذه الغاية، و الثالثة القدرة على استخراج معاني السرور من معاني الألم فيما أحب و كره على السواء ..
.........................
لا تتم فائدةُ الانتقال من بلد إلى بلد إلا إذا انتقلت النفسُ من شعور إلى شعور؛ فإذا سافر معك الهم فأنت مقيم لم تبرح ..
.............................
لا يتقد الشجر الأخضر إلا من أشد النار سعيراً، و تتقد المرأة الجميلة حتى من أشعة وهمها ..
.....................................
المنافق هو سياسي الحب و الصداقة: يضع المنفعة بين عينيه ثم تتوزع على جوارحه كل أساليب الكلام و الحركة و العاطفة، فلا مخرج لك من عقدته إلا أن يعقد بأسلوب و تحلّ أنت بأسلوب آخر.
...............................
و كما ينشأ الكفر أحياناً من عمل العقل الانساني إذا هو تحكم في الدين، يأتي البغض من هذا العقل إذا هو تحكم في الحب
......................................
إنما الناس صور الفكر و صور القلب، فمن لم نر فيه صورة من أفكارنا التي نلتمسها أو من أهوائنا التي نحبها، فذلك ليس منا و لسنا منه و إن سمّي أخاً في لغة النفاق، و إن دعي حبيباً في لغة المجاملة، بل هو مخلوق ليكون النموذج الذي نتعلم عليه البغض إن كان متصلاً بنا، أو التسامح إن كان بعيداً عنا و لم تتصل بنا أخباره.
.........................
لم يخلق الله أحداً مكروهاً قطّ، و إنما نبغض من الناس الصور المكروهة التي يُحدثونها: فعملك شخصك الحقيقي
........................................
المرأة حقُ المرأة هي تلك التي خُلقت لتكون للرجل مادة الفضيلة و الصبر و الإيمان، فتكون له وحياً و إلهاماً و عزاءاً و قوة؛ أي زيادة في سروره و نقصاً من آلامه ..
.....................................
إنما يجحد مثال الجمال الكامل من لا يستطيع أن يكون مثال الجمال الكامل
.................................
و الطفل لا يعرف مستقبلاً و لا ماضياً، و ما هو إلا حاضره؛ فإن عييت بأمره فأوجده بما يلهو به، فهذه هي سعادة الطفولة.
.......................................
في الحب يتعلم القلب كيف يتألم بالمعاني التي يجردها من أشخاصها المحبوبة و كانت كامنة فيهم ،
و بالفراق يتعلم القلب كيف يتوجع بالمعاني التي يجردها هو من نفسه و كانت كامنة فيه.
.............................................
ثلاث أرواح لا تصلح روح الانسان إلا بها: روح الطبيعة في جمالها، و روح المعبد في طهارته، و روح القبر في موعظته ..
..............................................
الذوق الأدبي في شئ إنما هو عن فهمه، و إن الحكم على شئ إنما هو عن أثر الذوق فيه، و النقد إنما هو الذوق و الفهم جميعاً ..
.............................
سرورك من الصديق الطيب لا يكلفك إلا أن تستمتع به، و أنت لا تخسر فيه إذا زال أنه زال؛ فإذا لم يكن الطيب في نفسه طيباً كذلك في أثره .. فهو الخبيث !
................................
القلب الكريم لا ينسى شيئاً أحبه و لا شيئاً ألفه،
إذ الحياةُ فيه إنما هي الشعور، و الشعورُ يتصل بالمعدوم اتصاله بالموجود على قياس واحد
فكأنّ القلبَ يحمل فيما يحمل من المعجزات بعض السر الأزلي الذي يحيط بالأبعاد كلها إحاطة واحدة، لأنها كلها كائنة فيه: فليس بينك و بين أبعدِ ما مرّ من حياتك إلا خطوة من الفكر،
هي للماضي أقصر من التفاتة العين للحاضر.
....................................
نصف الجنون في العاشق الذي يتجرد من الناس إلا من أحب، و نصفه في المعتوه الذي يتجرد من الزمن إلا الحاضر.
مصطفى صادق الرافعي