الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
سيدنا وحبيبنا محمد الصادق الوعد الأمين
صلوات الله وسلامه عليه وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلى ذريته وأهل بيته إلى يوم الدين
وبعد
هذا حديثنا اليوم عن :
ستر عورات المسلمين
فمن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته
اللهم استر عوراتنا وعورات جميع المسلمين
..................
بيان في
وجوب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها .
العورة هنا هي العورة المعنوية ؛ لأن العورة نوعان : عورة حسية ، وعورة معنوية .
فالعورة الحسية : هي ما يحرم النظر إليه ؛ كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .
والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخلقي أو العملي .
ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) [الأحزاب:72] .
فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ؛ فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد ؛ فيكون ظالما ، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل ؛ فيكون جهولاً ، هذه حال الإنسان إلا من عصم الله عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل ، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .
وإذا كان الإنسان من طبيعته التقصير والنقص والعيب ؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة . فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه ، لكن بدون ضرورة فالأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ؛ لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ـ يعني عن إرادة سيئة ـ أو عن شبهة ، حيث يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .
هب أنك رأيت رجلاً على كذب وغش في البيع والشراء ؛ فلا تفش ذلك بين الناس ؛ بل أنصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ؛ كان ذلك هو المراد ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس ؛ لئلا يغتروا به .
وهب أنك وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء ، ولا يغض بصره ، فاستر عليه ، وانصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس ؛ لأن النظر - والعياذ بالله - سهم من سهام إبليس يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه ، وإن لم يكن عنده مناعة ؛ أصابه السهم ، وتدرج به إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله يكون أشد عذاباً .
فما دام الستر ممكنا ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة ملحة ، فاستر عليه ولا تفضحه .
......................
كتبه الطيب الشنهوري
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين آمين