فخر وعتاب
للمقنع الكندي
.........................
يـعاتِبُني فـي الـدينِ قَومي وَإِنَّما: دُيـونيَ فـي أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا
أَلَـم يَـرَ قَـومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة : وَأُعـسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
فَـما زادَنـي الإِقـتارُ مِنهُم تَقَرُّباً : ثُـغورَ حُـقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا
وَفـي جَـفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها : مُـكـلَّلةٍ لَـحماً مُـدَفِّقةٍ ثَـردا
وَفـي فَـرَسٍ نَـهدٍ عَـتيقٍ جَعَلتُهُ :حِـجاباً لِـبَيتي ثُـمَّ أَخدَمتُه عَبدا
وَإِن الَّـذي بَـيني وَبَـين بَني أَبي : وَبَـينَ بَـني عَـمّي لَمُختَلِفُ جِدّا
أَراهُـم إِلـى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ : دَعَـوني إِلـى نَـصرٍ أَتـيتُهُم شَدّا
فَـإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم : وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا
وَإِن ضَـيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم : وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا
وَلَـيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ : دَعـوني إِلـى نَـصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا
وَإِن زَجَـروا طَـيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بي : زَجَـرتُ لَـهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا
وَإِن هَـبطوا غـوراً لِأَمـرٍ يسوؤني: طَـلَعتُ لَـهُم مـا يَسُرُّهُمُ نَجدا
فَـإِن قَـدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني: قَـدَحتُ لَـهُم في نار مكرُمةٍ زَندا
وَإِن بـادَهوني بِـالعَداوَةِ لَم أَكُن : أَبـادُهُم إِلّا بِـما يَـنعَت الرُشدا
وَإِن قَـطَعوا مِـنّي الأَواصِر ضَلَّةً : وَصَـلتُ لَـهُم مُنّي المَحَبَّةِ وَالوُدّا
وَلا أَحـمِلُ الـحِقدَ الـقَديمَ عَلَيهِم : وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدا
فَـذلِكَ دَأبـي فـي الحَياةِ وَدَأبُهُم : سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا
لَـهُم جُـلُّ مالي إِن تَتابَعَ لي غَنّى : وَإِن قَـلَّ مـالي لَـم أُكَلِّفهُم رِفدا
وَإِنّـي لَـعَبدُ الضَيفِ ما دامَ نازِلاً : وَمـا شـيمَةٌ لي غَيرُها تُشبهُ العَبدا
عَـلى أَنَّ قَـومي ما تَرى عَين ناظِرٍ : كَـشَيبِهِم شَـيباً وَلا مُردهم مُرداً
بِـفَضلٍ وَأَحـلام وجـودِ وَسُؤدُد: وَقَـومي رَبـيع في الزَمانِ إِذا شَدّا