حمزة بن عبد المطلب
سيد الشهداء
................
هو :
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عم رسول الله وأخوه من الرضاعة،
يقال له: أسد الله، وأسد رسوله . يكنى أبا عمارة، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وكان حمزة أسنَّ من رسول الله بسنتين. له من الأبناء: عمارة، ويعلى، وأمامة، وسلمى، وفاطمة، وأمة الله.
...............
حال حمزة بن عبد المطلب في الجاهلية :
شهد حمزة حرب الفجار الثاني، وكانت بعد عام الفيل بعشرين سنة، وبعد موت أبيه عبد المطلب باثنتي عشرة سنة، و الفجار يوم لم يكن في أيام العرب أشهر منه ولا أعظم، وتعدّ حرب الفجار أول تدريب عملي بالنسبة لحمزة، مارس فيها التدريب العملي على استخدام السلاح، وعاش في جو المعركة والحرب الحقيقية، وكان عمره آنذاك نحو اثنتين وعشرين سنة، وكان مغرمًا بالصيد والقنص، مما يدل على مهارته في الفروسية والرمي.
قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب :
حينما أُخبر حمزة - وكان يومئذ مشركًا- أن أبا جهل اعترض لرسول الله عند الصفا فآذاه وشتمه، خرج سريعًا لا يقف على أحدٍ كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت متعمدًا لأبي جهل أن يقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة مملوءة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا صبأت. ( أي تركت دينك ودين آبائك )
فقال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه، أنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين.
فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله قد عزَّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه عنهم ، فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه، فكان حمزة ممن أعز الله به الدين.
حمزة بن عبد المطلب في غزوة بـدر :
قبل نشوب المعركة، خرج أحد المشركين يقال له الأسود بن عبد الأسد وكان رجلاً شرسًا سيء الخلق، فقال: أعاهد الله لأشربَنَّ من حوضهم أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه. فخرج إليه حمزة فأطار قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره تَشْخَب رجله دمًا، ثم حبا إلى الحوض ليبرّ يمينه، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض.
وقد أبلى حمزة بلاءً عظيمًا يوم بدر،
وكان يقاتل بسيفين، وقد قتل أشجع شجعان قريش، وأكثرهم إقدامًا؛ فقتل الأسود بن عبد الأسد، وقتل شيبة بن ربيعة، وشارك في قتل عتبة بن ربيعة، وهما من أشراف قريش وشجعانها، وقتل طعيمة بن عدي، وبذلك أثر أعمق الأثر في معنويات قريش، فانهارت معنوياتهم.
حمزة في بني قينقاع :
لما عاد رسول الله من بدر، أظهرت اليهود له الحسد بما فتح الله عليه، فبغوا عليه ونقضوا عهدهم معه، فغزاهم رسول الله وتحصنوا بحصونهم، فحاصرهم 15 ليلة فنزلوا على حكمه، فأجلاهم إلى أذرعات. وكان حمزة هو حامل لواء النبي في هذه المعركة.
من مواقف حمزة بن عبد المطلب مع رسول الله :
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، اجعلني على شيء أعيش به. فقال رسول الله : "يا حمزة، نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها".
قال: بل نفس أحييها. قال: "عليك بنفسك".
في غزوة أحـد.. واستشهاد سيد الشهداء:
لما كانت غزوة أحد، والتحم الفريقان، كانت شهادة سيد الشهداء
و يذكر قاتل حمزة وَحْشِيّ بن حرب القصة فيقول : كنت غلامًا لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد قتل يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أُحد قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمِّي، فأنت عتيق. قال: فخرجت مع الناس، وكنت رجلاً حبشيًّا أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما أخطئ بها شيئًا، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهدّ الناس بسيفه هدًّا ما يقوم له شيء، فوالله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني، إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فضربه ضربة كأنما أخطأ رأسه.
قال: وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه فوقعت في ثُنَّته حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي، فغُلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأُعتق.
فلما رأته "هند بنت عتبة" بقرت بطنه ومثّلت به؛ لأنه كان قد قتل أباها في بدر. وحينما رأى رسول الله ما جرى لحمزة دمعت عيناه وحزن أشد الحزن،
حزن النبي صلى الله عليه وسلم – وتوجعه :
حزن عليه النبي حزنًا شديدًا، وقال: "رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلَنَّ بسبعين منهم".
أو قال : ( والله لآخذن فيه سبعين منهم )
أو قال ( والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لأمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب )
قال: فما برح حتى نزلت: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) النحل: 126،
فقال رسول الله : "بل نصبر". وكفّر عن يمينه، ونهى عن المُثْلة.
وكان من شدة حزن النبي – صلى الله عليه وسلم – على عمه , أنه لما عاد المسلمون بعد أحد , بكت نساء الأنصار قتلاهن
فدمعت عينا النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال : ( ولكن حمزة لا بواكي له )
فلما سمعها سيدا الأنصار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة أمرا النساء أن يذهبن فيبكين حمزة في بيته.
وكان حمزة رضي الله عنه يوم قُتل ابن تسع وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد.
- رضي الله عنه وأرضاه –
وجمعنا به في دار كرامته ومستقر رحمته