الحديث المعروف بحديث أم زرع
حديث يبين بلاغة العرب وفصاحتهم
ويلقي الضوء على بلاغة المرأة العربية بخاصة
...........................................................
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
جلست إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا،
قالت الأولى:
زوجي لحم جمل غث، على رأس جبل , لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل.
( شبهته بلحم جمل هزيل فوق رأس جبل فلا الجبل سهل طلوعه و لا هو بلحم جيد)
قالت الثانية:
زوجي لا أبث خبره، إني أخاف أن لا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره.
( تعني لا أريد أن أتكلم عنه لكثرة عيوبه الظاهرة و الخفية)
قالت الثالثة:
زوجي العشنق، إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق.
(تعني أنه طويل بلا فائدة سيء الخلق كثير الهجر لها إن تكلمت طلقها و إن سكتت بقيت كالمعلقة)
قالت الرابعة:
زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة.
( تعني أنه كالجو الجميل فى ليل تهامة و تشعر معه بالأمان و لا تشعر معه بالملل)
قالت الخامسة:
زوجي إن دخل فهد، إن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد.
( تعني أنه يبادر إليها عند دخوله البيت كالفهد في وثوبه و إذا خرج كان كالأسد بين الناس و لا يسأل عن شيء فى المنزل نظرا لكرمه)
قالت السادسة:
زوجي إن أكل لف، وإن شرب أشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث.
( تعني أنه إذا أكل دار على كل الطعام فلم يترك منه شيئا و إذا شرب أنهى كل الشراب و إذا نام انتحى عنها و التف بثيابه و لا يمد يده إليها ليعلم حزنها وسوء حالها )
قالت السابعة:
زوجي غياياء، وعياياء، طباقاء، كل داء له داء، شجك أو فلك أو جمع كلا لك.
(تعني أنه لا يهتدي لمسلك يسلكه لمصالحه
و أنه لا يستطيع إتيان النساء من العي وهو الضعف و أنه أحمق تطبق عليه الأمور و ما تفرق في الناس من العيوب موجود لديه ومجتمع فيه وتعني أنه كثير الضرب وشديد فيه، لا يبالي ماذا أصاب فهو إما يجرحها في رأسها أو يكسر ضلوعها أو الاثنين معا)
.
قالت الثامنة:
زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب.
(تعني أنه حسن الخلق ولين الجانب، كمس الأرنب و أنه طيب رائحة العرق، لنظافته وكثرة استعماله الطيب)
قالت التاسعة:
زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.
(تعني الرفعة و الشرف و طول القامة
و الكرم )
قالت العاشرة:
زوجي مالك وما مالك، مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، وإذا سمعن صوت المزهر، أيقن أنهن هوالك.
( تعني أنه يملك من المحاسن أكثر مما ذكرن من الغنى و حسن الخلق و الكرم )
قالت الحادية عشرة:
زوجي أبو زرع، فما أبو زرع، أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلى نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنح. أم أبي زرع، فما أم أبي زرع، عكومها رداح، وبيتها فساح. ابن أبي زرع، فما ابن أبي زرع، مضجعه كمثل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة. بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع، طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع، لا تبث حديثها تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا.
قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا، ركب شريا، وأخذ خطيا، وأراح علي نعم ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، وقال: كلي أم زرع، وميري أهلك، قالت: لو جمعت كل شيء أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية أبي زرع.
قالت عائشة رضي الله عنها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع ولكن أبا زرع طلق وأنا لا أطلق)
رواه البخاري في صحيحه
باب ( السمر مع الأهل )
المعاني الخاصة بوصف أم زرع لزوجها :
(أناس من حلي أذني) :حركهما بما ملأهما من ذهب ولؤلؤ.
(ملأ من شحم عضدي) سمنني وملأ بدني شحما، بكثرة إكرامه، وسمن العضدين دليل سمن البدن.
(بجحني) عظمني وفرحني
(فبجحت إلى نفسي) عظمت عندي نفسي.
(أهل غنيمة) أصحاب أغنام قليلة، وليسوا أصحاب إبل ولا خيل.
(بشق) مشقة وضيق عيش.
(صهيل) صوت الخيل.
(أطيط) صوت الإبل، أي أصحاب خيل وإبل، ووجودهما دليل السعة والشرف عند العرب.
(دائس) ما يدوس الزرع ليخرج منه الحب، وهي البقرة.
(منق) يزيل ما يخلط به من قشر ونحوه، وتعني: أنه ذو زرع إلى جانب ما ذكرت من نعم.
(أقبح) لا يرد قولي ولا يقبحه، بل يقبله ويستظرفه.
(أرقد فأتصبح) أنام حتى الصبيحة وهي أول النهار، وتعني أنها ذات خدم يكفونها المئونة والعمل.
(فأتقنح) أي: لا أتقلل من مشروبي ولا يقطعه علي شيء حتى أرتوي، وفي رواية (فأتقمح) أي أشرب حتى أرتوي وأصبح لا أرغب في الشراب.
(عكومها) جمع عكم، وهو الوعاء الذي تجمع فيه الأمتعة ونحوها.
(رداح) كبيرة وعظيمة.
(فساح) واسع كبير، وهو دليل سعة الثروة والنعمة.
(مضجعه) موضع نومه.
( كمثل شطبة) صغير يشبه الجريد المشطوب من قشره، أي هو مهفهف كالسيف المسلول من غمده.
(الجفرة) الأنثى من المعز إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها.
(ملء كسائها) أي تملأ ثوبها لامتلاء جسمها وسمنتها.
(غيظ جارتها) تغيظ ضرتها لجمالها وأدبها وعفتها.
(تبث) تذيع وتفشي.
(تبثيثا) مصدر بثث وهو الإشاعة والإفشاء.
(تنقث) تفسد وتذهب.
(ميرتنا) طعامنا وزادنا.
(تعشيشا) لا تترك القمامة مفرقة في البيت كأعشاش الطيور، وقيل: هو كناية عن عفتها وحفظ فرجها، فهي لا تملأ البيت وسخا بأخدانها وأطفالها من الزنا، وفي رواية (تغشيشا) من الغش، أي لا تملؤها بالخيانة، بل هي ملازمة للنصح فيما هي فيه.
(الأوطاب) جمع وطب وهو وعاء اللبن.
(تمخض) تحرك لاستخراج الزبد.
(كالفهدين) في الوثوب.
(خصرها) وسطها.
(برمانتين) ثديين صغيرين حسنين كالرمانتين من حيث الرأس والاستدارة، فيهما نوع طول، بحيث إذا نامت قربا من وسطها حيث يجلس الولدان.
(سريا) شريفا، وقيل: سخيا كريما.
(شريا) جيدا، يستشري في سيره، أي يمضي فيه بلا فتور ولا انقطاع.
(خطيا) منسوبا إلى الخط وهو موضع بنواحي البحرين، تجلب منه الرماح.
(أراح) من الراحة، وهو الإتيان إلى موضع البيت بعد الزوال.
(نعما) إبلا ونحوها.
(ثريا) كثيرا.
(من كل رائحة) من كل شيء يأتيه.
(زوجا) اثنان، أو صنفان.
(ميري أهلك) صليهم وأوسعي عليهم من الطعام.
(ما بلغ أصغر أنية أبي زرع) لا يملؤها، وهو مبالغة أي: كل ما أكرمني به لا يساوي شيئا من إكرام أبي ذرع