"وصية عالم للخليفة "
.....................................
قدم الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك إلى مكة لأداء فريضة الحج فأرسل إلى أشهر علماء مكة وزهادها يسأله : يا أبا حازم ما لنا نكره الموت ؟
فقال أبو حازم : لأنكم خربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم أن تنتقلوا من هذا العمران إلي الخراب .
فقال سليمان : كيف القدوم على الله ؟
قال : يا أمير المؤمنين ، أما المحسن فكالغالب يقدم على أهله ، وأما المسيء فكالعبد الآبق يقدم على مولاه .
قال سليمان : أي القول أعدل ؟
فقال : قول الحق عند من تخافه أو ترجوه .
قال سليمان : فأي المؤمنين أكيس ؟ ( أي أعقل ).
قال : رجل عمل بطاعة الله ، ودل الناس عليها .
قال سليمان : فأي عباد الله أكرم ؟
قال : أهل البر والتقوى .
قال سليمان : فأي الأعمال أفضل ؟
قال : أداء الفرائض مع اجتناب المحارم .
قال سليمان : أي الكلام أسمع ؟
قال : قول الحق .
قال سليمان : فأي الناس أحمق ؟
قال : رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم ، فباع آخرته بدنيا غيره .
قال سليمان : هل لك يا أبا حازم أن تصحبنا ، فتصيب منا ونصيب منك ؟
قال : أعوذ بالله !
قال سليمان : ولم ذاك ؟
قال : أخشى أن أركن إليكم قليلاً ، فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات.
قال سليمان : أوصني يا أبا حازم .
فقال : سأوصيك وأوجز : ( عظم ربك ، ونزهه أن يراك حيث نهاك ، أو يفقدك حيث أمرك ) .