خطبة النبي صلى الله عليه وسلم
في حجّة الوداع
.............................
" الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونتوب اليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أوصيكم عباد الله بتقوى الله, وأحثكم على طاعته, وأستفتح بالذي هو خير.
أما بعد, أيها الناس, اسمعوا مني أبيّن لكم, فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
أيها الناس, إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا, ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد. فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. إن ربا الجاهلية موضوع, وان أوّل ربا أبدأ به ربا عمّي العباس بن عبد المطّلب, وإن دماء الجاهلية موضوعة, وأول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث, وان مآثر الجاهلية موضوعة غير السّدانة والسّقاية, والعمد قود, وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر, وفيه مائة بعير. فمن زاد؛ فهو من أهل الجاهلية.
أيها الناس, إن الشيطان قد يثس أن يعبد في أرضكم هذه, ولكنّه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقّرون من أعمالكم.
أيها الناس, إن النسيء زيادة في الكفر, يضل به الذين كفروا, يحلّونه عاما, ويحرّمونه عاما لواطئوا عدّة ما حرّم الله, وإن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض, منها أربعة حرم: ثلاث متواليات وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة ومحرّم ورجب الذي بين جمادى وشعبان, ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد.
أيها الناس: إن لنسائكم عليكم حقا, ولكن عليهنّ حق ألا يوطئن فرشكم غيركم, ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيتكم إلا بإذنكم, ولا يأتين بفاحشة؛ فإن فعلن, فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن, وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح, فإن انتهين وأطعنكم, فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وإنما النساء عندكم عوان, ولا يملكنّ لأنفسهن شيئا, أخذتموهن بأمانة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
فاتقوا الله في النساء, واستوصوا بهن خيرا, ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد.
أيها الناس, إنما المؤمنون إخوة, ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه, ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد.
أيّها الناس, إن ربكم واحد, كلكم لآدم وآدم من تراب, أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى. ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد. فليبلّغ الشاهد منكم الغائب.
أيها الناس, إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث, ولا تجوز لوارث وصيّة, ولا تجوز وصيّة في أكثر من الثلث, والولد للفراش وللعاهر الحجز. من ادّعى إلى غير أبيه أو تولّى غير مواليه؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل منه صرف ولا عدل. والسلام عليكم ورحمة الله ".