قصيدة {بك أستجير}
حيث تدمع لها العيون
أروع قصيدة في تعظيم الله ،
للشاعر السوداني المعاصر {إبراهيم علي بدوي} رحمه الله وجعلها في موازين أعماله وهي مكونة من 82 بيتا
بك أستجير ومن يجير سواكا
فأجر ضعيفا يحتمي بحما
إني ضعيف أستعين على قوى
ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبت يا ربي وآذتني ذنوب
ما لها من غافر إلاكا
دنياي غرتني وعفوك غرني
ما حيلتي في هذه أو ذاكا
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا
بكريم عفوك ما غوى وعصاكا
يا مدرك الأبصار والأبصار لا
تدري له ولكنهه إدراكا
أتراك عين والعيون لها مدى
ما جاوزته ، ولا مدى لمداكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني
في كل شيء أستبين علاكا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذا
هذا الشذا الفواح نفح شذاكا
يا مرسل الأطيار تصدح في الربا
صدحاتها تسبيحة لعلاكا
يا مجري الأنهار ما جريانها
إلا انفعالة قطرة لنداكا
رباه هأنذا خلصت من الهوى
واستقبل القلب الخلي هواكا
وتركت أنسي بالحياة ولهوها
ولقيت كل الأنس في نجواكا
ونسيت حبي واعتزلت أحبتي
ونسيت نفسي خوف أن أنساكا
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى
يا رب حلواً قبل أن أهواكا
أنا كنت يا ربي أسير غشاوة
رانت على قلبي فضل سناكا
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي
وبدأت بالقلب البصير أراكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلا
للتوب قلب تائب ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي
حاشاك ترفض تائبا حاشاكا
يا رب جئتك نادماً أبكي على
ما قدمته يداي لا أتباكى
أنا لست أخشى من لقاء جهنم
وعذابها لكنني أخشاكا
أخشى من العرض الرهيب عليك يا
ربي وأخشى منك إذ ألقاكا
يا رب عدت إلى رحابك تائباً
مستسلما مستمسكاً بعراكا
ما لي وما للأغنياء وأنت يا
رب الغني ولا يحد غناكا
ما لي وما للأقوياء وأنت يا
ربي ورب الناس ما أقواكا
ما لي وأبواب الملوك وأنت من
خلق الملوك وقسم الأملاكا
**
إني أويت لكل مأوى في الحياة
فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة
فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً
فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أو فليسخطوا
أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
أدعوك يا ربي لتغفر حوبتي
وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي
ما خاب يوما من دعا ورجاكا
يا رب هذا العصر ألحد عندما
سخرت يا ربي له دنياكا
علمته من علمك النوويَّ ما
علمته فإذا به عاداكا
ما كاد يطلق للعلا صاروخه
حتى أشاح بوجهه وقلاكا
واغتر حتى ظن أن الكون في
يمنى بني الانسان لا يمناكا
و ما درى الإنسان أن جميع ما
وصلت إليه يداه من نعماكا
أو ما درى الانسان أنك لو أردت
لظلت الذرات في مخباكا
لو شئت يا ربي هوى صاروخه
أو لو أردت لما استطاع حراكا
يأيها الانسان مهلا واتئد
واشكر لربك فضل ما أولاكا
واسجد لمولاك القدير فإنما
مستحدثات العلم من مولاكا
الله مازك دون سائر خلقه
وبنعمة العقل البصير حباكا
أفإن هداك بعلمه لعجيبة
تزور عنه وينثني عطفاكا
إن النواة والشحنات التي
تجري يراها الله حين يراكا
ما كنت تقوى أن تفتت ذرة
منهن لولا الله من سواكا
كل العجائب صنعة العقل الذي
هو صنعة الله الذي سواكا
والعقل ليس بمدرك شيئا اذا
ما الله لم يكتب له الإدراكا
لله في الآفاق آيات لعل
أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته
عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا
حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى
يا شافي الأمراض من أرداكا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
عجزت فنون الطب من عافاكا ؟
قل للصحيح يموت لا من علة
من بالمنايا يا صحيح دهاكا ؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة
فهوى بها من ذا الذي أهواكا ؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام
بلا اصطدام من يقود خطاكا ؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا
راع ومرعى من ذا الذي يرعاكا ؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء
لدى الولادة من ذا الذي أبكاكا؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
فاسأله من ذا بالسموم حشاكا؟
وأسأله كيف تعيش يا ثعبان أو
تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت
شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟
بل سائل اللبن المصفى كان بين
دم وفرث مان الذي صفاكا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا
ميت فاسأله من أحياكا ؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً
فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا ؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً
فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا ؟
قل للنبات يجف بعد تعهد
ورعاية من بالجفاف رماكا ؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو
وحده فاسأله من أرباكا ؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا
أنواره فاسأله من أسراكا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي
أبعد كلّ شيء من الذي أدناكا؟
قل للمرير من الثمار من الذي
بالمر من دون الثمار غذاكا؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
فاسأله من يا نخل شق نواكا؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها
فاسأل لهيب النار من أوراكا؟
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً
قمم السحاب فسله من أرساكا؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال
جرى فسله؟ من الذي أجراكا؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج
طغى فسله من الذي أطغاكا؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا
فاسأله من يا ليل حاك دجاكا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً
فاسأله من يا صبح صاغ ضحاكا؟
ستجيب ما في الكون من آياته
عجبا عجابا لو ترى عيناكا
هذي عجائب طالما أخذت بها
عيناك وانفتحت بها أذناكا!
والله في كل العجائب ماثل
إن لم تكن لتراه فهو يراكا؟
يا أيها الإنسان مهلا ما الذي
بالله جل جلاله أغراكا؟