ذكروا في التاريخ أن الشيخ عبد الرحيم البرعي (اليمن) في حجه الأخير أُخِذَ محمولا على جمل، فلما قطع الصحراء مع الحجاج وأصبح على بعد خمسين ميلا من المدينة هب النسيم رطبا عليلا معطرا برائحة الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول، لكن المرض أعاقه عن ذلك فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير..
يقول فيها:
يا راحلين إلـى منـى بقيـادي *** هيجتموا يوم الرحيـل فـؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتـي *** الشوق أقلقني وصوت الحـادي
وحرمتموا جفني المنام ببعدكـم يـ *** ا ساكنين المنحنـى والـوادي
ويلوح لي ما بين زمزم والصفـا *** عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يا نائما جـد السـرى *** عرفات تجلو كل قلب صـادي
من نال من عرفات نظرة ساعة *** نال السرور ونال كل مـرادي
تالله ما أحلى المبيت على منـى *** في ليل عيد أبـرك الأعيـادي
ضحوا ضحاياهم ثم سال دماؤها *** وأنا المتيم قد نحـرت فـؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات اللقاء *** وأنا الملوع قد لبسـت سـوادي
يا رب أنت وصلتهم صلني بهـم *** فبحقهـم يـا رب فُـك قيـادي
فإذا وصلتـم سالميـن فبلغـوا *** مني السلام أُهيـل ذاك الـوادي
قولوا لهم عبـد الرحيـم متيـم *** ومفـارق الأحـبـاب والأولاد
صلى عليك الله يا علـم الهـدى *** ما سار ركب أو ترنـم حـادي