قالوا في الغَدرِ
...
قالَ سفيانُ الثَوريّ رَحمَهُ اللهُ لِصَديقٍ لَهُ : هل بَلَغَكَ شيءٌ
تَكرَهُ مِمَّن لا تَعرِف ؟ قالَ : لا ، قالَ : فَأقلِلْ مِمَّن تَعرِف .
قالَ امرؤ القَيس :
إذا قلتُ هذا صاحِبٌ قد رَضيتُهُ
وقَــرَّت بِــهِ الـعَينانِ بُـدِّلتُ آخَـرا
كـذلكَ جِدّي ما أُصاحِبُ صاحِباً
مِـنَ الـنّاسِ إلّا خـانَني و تَـغَيَّرا
وقالَ ابراهيمُ الصولي :
وكـنـتَ أخي بِـاخاءِ الـزَّمانِ
فَـلَمّا نَـبا صِـرتَ حَرباً عَـوانا
وكــنـتُ أذمُّ إليـكَ الــزَّمـانَ
فَـأصـبَحتُ فيكَ أذمُّ الـزَّمانا
وكــنــتُ أُعِــدُّكَ لِـلـنـائِـباتِ
فَأصبَحتُ أطلبُ منكَ الأمانا
وقالَ ابو فراس :
تَــنـاسـانِـيَ الأصـحـابُ إلّا عُـصـيـبَـةً
سَـتَـلـحَـقُ بِــالأُخــرى غَـداً وتَــحـولُ
ومَن ذا الَّذي يَبقى على العَهدِ إنَّهم
وإن كَــــثُــــرَت دَعــــواهُـــمُ لَــقَـلـيلُ
أُقَــلِّـبُ طَـرفـي لا أرى غـيـرَ صـاحِـبٍ
يَــمـيـلُ مَـــعَ الـنَّـعـماءِ حَيـثُ تَـمـيـلُ
وصِــرنـا نَـــرى أنَّ الـمُـتـارِكَ مُـحـسِنٌ
وأنَّ صَـــديـــقــاً لا يَــــضُــــرُّ خَــلــيـلُ
تَـصَـفَّحتُ أحــوالَ الـرجـالِ فَـلـم يَـكنْ
الــى غَـيـرِ شـاكٍ فـي الـزَّمانِ وُصُـولُ
أكــــلُّ خَـلـيـلٍ هـكـذا غــيـرُ مُـنـصِـفٍ
وكـــــــلُّ زَمـــــانٍ بِــالــكِــرامِ بَــخـيـلُ
نَـعَـم دَعَــتِ الـدنيا الـى الـغَدرِ دَعـوَةً
أجـــابَ إلــيــهــا عـــالِـــمٌ وجَـــهـــولُ
وقالَ ايضاً :
إذا الـخِلُّ لم يَهجُرْكَ إلّا مَلالَةً
فَـلـيسَ لَــهُ إلّا الـفِراق عِـتابُ
إذا لـم أجِـدْ من خُلَّةٍ ما أُريدُهُ
فَـعِندي لِأُخـرى عَـزمَةٌ ورِكابُ
بِمَن يَثِقُ الإنسانُ فيما يَنوبُهُ
ومـن أيـنَ لِلحُرِّ الكريمِ صِحابُ
وقد صارَ هذا النّاس إلّا أقَلَّهم
ذِئـاباً عـلى أجـسادِهِنَّ ثِـيابُ
إلـى اللهِ أشـكـو أنَّـنـا بِـمَنازِلٍ
تَـحَـكَّمُ فــي آسـادِهِنَّ كِـلابُ
وقالَ ابن الروميّ :
وزَهَّدَني في النّاسِ مَـعرِفَتي بِهم
وطولُ اختياري صاحِباً بَعدَ صـاحِبِ
فَـلـم تُـرِنـي الأيّــامُ خِــلّاً تَـسُرُّني
بَـواديـهِ إلّا سـاءَنـي فـي الـعَواقِبِ
ولا صِـــرتُ أدعـــوهُ لِــدَفـعِ مُـلِـمَّـةٍ
مِنَ الدَّهرِ إلّا كانَ إحـدى المَصائِبِ
وقالَ البُحتري :
أمّا العُداةُ فَقد أرَوكَ نُفوسَهم
فاقصدْ بِـسوءِ ظنونِكَ الإخوانا