نهاري نهار الناس حتى إذا بدا
لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى
ويجمعني بالليل والهم جامع
لقد ثبتت في القلب منك محبة
كما ثبتت في الراحتين الأصابع
كأنك لم تقنع إذا لم تلاقها
وإن تلقها فالقلب راض وقانع
فيا قلب خبرني إذا شطت النوى
بليلى وصدت عنك ماأنت صانع
أتصبر للبين المشت مع الجوى
أم أنت امرؤ ناسي الحياة فجازع
وكيف ينام المرء مستشعر الجوى
ضجيع الأسى فيه نكاس روادع
فلا خير في الدنيا إذا لم تزر بها
ليلى ولم يجمع لنا الشمل جامع
ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا
ونبصر ضوء الصبح والفجر ساطع
وأفرح أن تمسي بخير وإن يكن
بها الحدث العادي ترعني الروائع
وقد كنت أبكي والنوى لا أظنه
بنا وبكم لم ندر ما الدهر صانع
فوا كبدي من شدة الشوق والأسى
وواكبدي إني إلى الله راجع
وأعجل للإشفاق حتى يشفني
مخافة شحط الدار والشمل جامع
وأعمد للأرض التي من ورائكم
لترجعني يوما إليك الرواجع
فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى
وياحبها قع بالذي أنت واقع
نهاري نهار الوالهين صبابة
وليلي تنبو فيه عني المضاجع
وللحب آيات تبين للفتى
شحوب وتبرى من يديه الأشاجع
وما كل ما منيت نفسك خاليا
تلاقي ولا كل الذي أنت تابع
تداعت لك الأحزان من كل وجهة
فحنّ كما حنّ الطيور السواجع
كأن بلاد الله ما لم تكن بها
وإن كان فيها الناس فقر بلاقع
ألا إنما أبكي لما هو واقع
وهل جزع من وشك بينك نافع
إذا نحن أنفدنا البكاء عشية
فموعدنا قرن من الشمس طالع
قيس بن الملوح
_________________