سَـعِـيد بنُ المُسيّب ..
¸
سَـعِـيد بنُ المُسيّب المَخـْزومِيّ القـُرَشِيّ (637 - 715م / 14 هـ - 94 هـ)
تــابـعِيّ منْ كبـار التـَّابعِـين ، وعـالِـمُ أهْـل ِالمدينةِ في زمانِهِ ، كـُنيَته
( أبو مُحَـمَّد ) ، ولدَ لسنتين منْ خِـلافة عُمَرَ بن ِالخطـَّاب ِ.
وزوْجَـتـُه هي ( أمُّ حَـبيب الدوسِـيَّة ) بنت ُأبي هُـرَيْـرة َ.
هو سَـيِّـدَ فـُقهــاء ِالمدينةِ و التـَّابعِـين ، جَـمَعَ بينَ الحَـديث ِوالفِقـْهِ والزُّهْـد ِ
والوَرَع ِ ، واسِـعُ العِـلم ِ ، صَـوّام ، قَــَوّام ؛ حَـجّ نحْـواً مِنْ أرْبَعِـينَ حجّـة ً،
وما فـاتته التكبيرة ُالأولى فى مَسْجـِدِ رسُـول ِاللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -
طــوالَ أرْبَعِـينَ عـاماً فى الصَّف الأوَّل ِ، نـَذرَ نفسَـهُ للعِـلم ِمنذ ُنعُـومة ِ
أظـْفــارهِ، وقـد أُعْجـِبَ بأبى هُـرَيْـرة َ فاشْتـَدَّتْ رَغبَـتـُهُ فى الأخـْذِ عنه
ممّا جَـعَـله يتـَتـَلـْمَـذ ُعلى يَـدَيْهِ ، وقـدْ تـَتـَلـْمَـذ َ سَـعِـيدُ بنُ المُسيّبِ
أيْـضاًعلى يَـدَىّ زيـد ِبن ثـابت ، وعبد الله بن عباس ، عبد الله بن عمر
وسَمِعَ مِنْ عثمان بن عفـان ، وعلى بن أبى طـالب ، وصُهَـيْب الرُّومِىّ
وغيرهم مِنَ الصَّحـابة المَيَـامين ، وتخـَلـَّقَ بأخـْلاقِهم ،وتحَـلـَّى بشَـمـائِـلهم ..
كـانتْ له كـَلِـمة ٌيُردِّدُهـا دائِـمـاً حتى غـَدَتْ وكأنـَّها شِـعــارٌ له ُ وهى :
( ماأعَـزَّتْ العِـبــادُ نفسَـها بمِثـْل ِطـاعةًِ اللهِ ، ولا أهـانتْ نفسَـها بمِثـْل
مَعْـصِـيَـتِـه ِ ) .
ومِنْ أقـْوالِهِ أيْـضـاً :
( مَنْ اسْـتـَغـْنـَى باللهِ افـْتـَقـَرَ إليه ِالنـَّـاسُ ) .
و قـَولِهِ :
( إنَّ الدُّنيـا نذالة ٌ، هى إلى كـُلِّ نـَذل ٍأمْـيَـلُ ، وأنـْذلُ منها مَنْ أخـَذهـا
بغـَيْر ِحَـقـِّها ، وطـَلـَبَهـا بغـَيْر وَجْهـِها ، ووَضَـعَـها بغـَيْر سُـبُـلِـها ) .
بلغ َسَـعِـيدُ بنُ المُسيّبِ – فى زمـانِهِ – مَبْـلـَغـاً عَـظِـيْمـاً مِنَ االعِـلـْم ِ
والإيْـمــان ِوالتـَّقـْـوى حتى أنـَّه كانَ يُـفْـْتـَى والصَّـحـابة ُأحْـيـــاءٌ .
تـَزوَّج َسَـعِـيدُ بنُ المُسيّبِ مِنْ ( أمُّ حَـبيب الدوسِـيَّة ) ابنةَ ِشَـيْخِهِ
وأسْـتـاذِهِ أبى هُـرَيْـرة َ ، وقـَدْ كانَ بإمكـانهِ أنْ يتزوَّج َبمَنْ يشــاءُ
مِنْ نسـاءِ قـُرَيْـش – نـَظـَراً لصـلاحِهِ وتـَقـْواهُ - إلا أنـَّه آثَـَرَ ابنة َ
أبى هُـرَيْـرة َ على سـائِـرِ النـِّســاء ِ، لما لأبيْها مِنْ منزلةٍ عظيمة
فى العِـلم ِ وعِـندَ رَسُـول ِاللهِ - صلـَّى الله ُعليه وسلـَّمَ ..
دخـَلَ المُطـِّلـِبُ بنُ حُـنـْظـُبَ على سَـعِـيد بن ِالمُسـيّبِ في مَرَضِهِ
وهو مُضْطـَجـِع ٌفسـألهُ عنْ حَـديْثٍ ، فقــالَ : أقـْعِــدوني فأقـْعَــدُوهُ
فقــالَ : إنـِّي أكـْرَهُ أنْ أحَــدِّثَ حَــديْثَ رَسُـول ِاللهِ - صلـَّى الله ُ
عليه وسلـَّمَ وأنا مُضْطـَجـِع ٌ.
وعِـندما اشْـتـَدَ المَرض بسَـعِـيد بن ِالمُسيّبِ أوْصَى أهْـلـَهُ فقـــالَ :
عَجِّــلوا بي ، فإنْ يكُنْ لي عِـندَ اللهِ خـَيْـرٌ ، فهُـو خـَيْـرٌ ممَّا عِـنـدَكُم .
اختـَلفَ المؤرِّخونَ في سَـنة ِوفـاة ِ سَـعِـيد بن ِالمُسـيّبِ ، إلا أنَّ الأرْجَـحَ
أنـَّها كـانتْ في عام (٩٤ ) أربَع ٍ وتسْـعِـينَ للهجْـرةِ ، وكانَ يُطـْلـَق ُ
على هَـذهِ السَّـنةِ ( سَـنة ُالفـُقـَهــاءِ ) لِـكـَثـرَةِ مَنْ مـاتَ منهُم فيْها .
رَحِمَ اللهُ َسَـعِـيدَ بنَ المُسيّبِ ، والصَّـحـابة َوالتـَّابعِـينَ وتـابعِى التـَّابعِـينَ
بإحْـسـان ٍإلى يَـوْم ِالـدِّيْن ِ، وألـْحَـقـَنا بهـِم قى جَـنــاتِ النـَّعِـيْـم ِ .