من روائع الشاعر أحمد بخيت
الوداع
قل للحياة إن استطعت وداعا : نصف الشجاعة أن تموت شجاعا
عش مثلما ولدتك أمك باسلا : إن الحرائر لا يلدن ضباعا
أقصى الشجاعة أن تعيش مدافعا : عمن تحب وأن تموت دفاعا
فرحي هو الضيفُ الغريبُ وواحدَا : يأتي وتـأتي المـوجـعـاتُ تـِباعـا
ما ضيّقـَتْنَا الأرضُ ضيَقْـنا الخُطـى : لنكـونَ أهـدَى الضائعينَ ضَيـاعـا
يا هاتـه الـدنيا خَسِـرنا جـولـة : وستعـلمينَ مَـنِ الأشـدُّ صِـراعـا
نحن الجبالِ نمـرُّ مـرَّ سـحـابةٍ : ونـشُـدُّ ظَهْرَالأرضِ أنْ يـَتَداعَى
ليْ شرفـة ٌكانت تـقبِّـلُ شـرفـة ً : في بيتِ جـارتِـنا صِبـا ويَـفاعـا
ويضيـقُ شـارعُـنا يضيقُ لـعطفـةٍ : تكـفي لتقـتـربَ القـلـوبُ وِساعـا
كانتْ بيوتُ الناسِ تحضنُ أهلَها : ضَحِـكًـا ودمعًـا أيُّ دفءٍ ضاعـا
خَصمي هو اسمي حين أعبد ظلَّهُ : وأقول للغرقى اعبدوه شراعا
لوّحتُ للإنسان تلك سفينتي : للمبحرين إلى الضياء شعاعا
يمشون هونا مطمئنا وادعا : ويهرولون إلى الجنان سراعا
أنا والسماء على لقاء دائم : في الصمت إذ يتشدقون خداعا
لم ينتزع صوتي قناعا كاذبا : إلا استجد الكاذبون قناعا
والشمسُ أطول مِن مَسيري غربةً : والليلُ أقصرُ مِن ظِلالي باعا
لي عروتي الوثقى كعبد باسمها : أرقى مطيعا للجمال مطاعا
صوتي غمامة أنبياء ساقها : شوق الملائك رؤية وسماعا
ويدي على ركن الحطيم إلى يد : تمحو الذنوب وتمسح الأوجـاعا
ألقي الغياب على الغياب مبددا : حجب التراب مضيعا ومضاعا
إيماءة للغيب تكفي عارفا : في الحب أن يتجاوز الأطماعا
لا يتبع الإيقاعَ يتبعُ خفقةً : في القلبِ يبدع شوقُها الإيقاعا
أصفى المرايا الدمع فاذهب واثقا : بالنبع قل للقانطين وداعا
_________________