بنى الحجاج بن يوسف الثقفي قصراً ودعا الناس للفرجة وللتفاخر به فأغتنم الحسن البصرى الفرصة
ليعظ الناس ويذكرهم ويزهدهم بعرض الدنيا
فوقف فيهم خطيباً وقـال :
لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شيد وبنا أعلى مما بنا
ثم أهلك الله فرعون وأتى على ما بنا وشيد .. ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه وأن أهل الأرض قد غروه !!
وفي اليوم التالي دخل الحجاج إلى مجلسه وهو يتميز من الغيظ وقال لجلسائه تباً لكم وسحقاً .. يقوم عبد من عبيد أهل البصرة ويقول فينا ما شاء أن يقول
ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه والله لأسـقينكم من دمه يا معشر الجبناء !!
ثم أمر بالسيف والسياف ثم أمر بإحضار الحسن البصري ..
فحضر الحسن .. فلما رأى السيف والسياف والجلاد حرك شفتيه ثم أقبل على الحجاج وعليه
جلال المؤمن وعزة المسلم ووقار الداعية إلى الله ..
فلما رآه الحجاج هابه أشـد الهيبة وقـــــال له
هاهنا يا أبا سعيد .. ها هنا يا أبا سعيد !!
والناس ينظرون في دهشة واستغراب حتى أجلسه على فراشه وأخذ يسأله عن أمور الدين والحسن البصري يجيبه ..
فقال له الحجاج أنت سيد العلماء يا أبا سعيد .. ثم دعا بطيب وطيب لحيته وودعه !!
ولما خـرج الحسن من عنده تبعه حاجب الحجاج وقـال له :
يا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك ..
وإني رأيتك قد حركت شـفتيك عندما أقبلت عليه فماذا قلت ؟
فقال الحسن لقد قلت :
يا ولي نعمتي وملاذي عند كربتي
اجعل نقمته برداً وسلاماً علي
كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه السلام .