قال المزني : دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه ، فقلت : يا أبا عبد الله ، كيف أصبحت ؟ فرفع رأسه ، وقال : أصبحت من الدنيا راحلا ، ولإخواني مفارقا ، ولسوء عملي ملاقيا ، وعلى الله واردا ، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها ، أو إلى نار فأعزيها ، ثم بكى ، وأنشأ يقول :
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيس ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغوى بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعرف قدره وأعلم أن الله يعفو ترحما
إسناده ثابت عنه .
سير أعلام النبلاء