سعيد بن زيد كان في القادسية الذي هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (و سعيد بن زيد حبيب من أحباء الرحمن).
بات سيدنا سعيد يحرس إخوانه في الليل ثلاثة أيام ولم ينم فتعب، فقال له عبد الله بن زيد الأنصاري وقد كان يحرس
معه:
يا سعيد أنت لم تنم منذ يومين أو ثلاثة، فأقسمت عليك لتنامن وأنا أحرس خيمتك، فدخل سيدناسعيد الخيمة لينام، وأخوه في الله عبد الله بن زيد الأنصاري جلس خارج الخيمة وسمع كلاماً داخل الخيمة، فوجد سعيد يقول:
مرحباً بك يا عيناء يا مرضية، والله لا أريد أن أعود، فقال في نفسه: لابد أن سعيداً من قلة النوم يخرف، فقال له:
سعيد ! سعيد ! سعيد ! فقام سعيد من نومه مذعوراً، فقال له عبد الله بن زيد :
ما شأنك؟
قال له: أنا سأقول لك سراً، وأستحلفك بالله ألا تخبر به أحداً إلا إذا مت، والمؤمن لأخيه في سره كالقبر، فإذا قلت لامرأتك سراً فلا تخبر به أمها أو أختها أو أحداً من الناس، ومن أكبر الكبائر أن الرجل يفشي سر زوجته أو أن المرأة تفشي سر زوجها.
فسيدنا سعيد رضي الله عنه قال له: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن منادياً ينادي: إن الله قد رضي عن سعيد بن زيد ، ورأيت ثلاثة من الملائكة الكرام قد أخذوني إلى الجنة، فصافحت رضوان خازن الجنة، ثم دخلت فرأيت فيها نساء ما رأيت أجمل منهن!
فقلت: أأنتن الحور العين اللاتي قرأنا عنكن في القرآن؟
قلن لي: بل نحن خدم من خدمهن، وهكذا فكلما رأيت أجمل منهن قلت لهن ما قلته سابقاً وقلن لي: بل نحن خدم من خدمهن،
قال: إلى أن رأيت ثلاث نساء، اثنتان كالقمر ليلة التمام، وواحدة بينهن كالشمس تشع بنورها عمن حولها، فقلت:
السلام عليكن،
فقلن: عليك السلام يا سعيد ،
فقلت: من أنت؟
قالت: أنا العيناء المرضية، أنا زوجتك في الجنة، فمددت يدي لأصافحها، فقالت:
ليس اليوم يا سعيد ، أنت مازلت في الدنيا، أنت لا تحل لنا، وإنما ستحل لنا بعد ثلاثة أيام، فقلت:
والله لا أريد أن أعود، والله أريد أن أعود، والله أريد أن أعود، ثم أيقظتني فهذا ما رأيته في المنام.
فأخذ عبد الله بن زيد يراقب حركاته في اليوم الأول والثاني والثالث وقد كان يوم خميس، وسيدنا سعيد صائم فظل يحارب ويقاتل إلى أن أوشك قرص الشمس أن يغرب حتى جاءته طعنة فوقع صريعاً، فأسرع إليه أخوه، فقال: أين الإفطار يا سعيد ؟
قال له: في مقعد صدق عند مليك مقتدر، مرحباً بك يا عيناء يا مرضية.
_________________