( الغلام الفصيح )
................................................................................................
تولى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الخلافة ، فقدمت عليه الوفود للتهنئة ، وعندما دخل وفد الحجازيين إذا بغلام صغير يتقدم للكلام ؛ فقال له الخليفة : يا غلام ليتكلم من هو أسن منك ( أي أكبر منك ).
فقال الغلام : ( يا أمير المؤمنين ! إنما المرء بأصغريه ، قلبه ولسانه ، فإذا منح الله عبده لسانا لافظاً ، وقلبا حافظاً ، فقد استحق الكلام ، ولو أن الأمر بالسن لكان بين المسلمين من هو أحق منك بمجلسك هذا .
فقال عمر : صدقت ، تكلم .
قال الغلام : يا أمير المؤمنين ، نحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة ولم تقدمنا عليك رغبة ولا رهبة ، لأننا قد أمنا في أيامك ما خفنا وأدركنا ما طلبنا .
يا أمير المؤمنين : لا يغلبن جهل القوم بك معرفتك بنفسك ، فإن قوماً خدعهم الثناء ، وغرهم الشكر ، فزلت أقدامهم ، فهووا في النار . أعاذك الله أن تكون منهم ، وألحقك بسالف هذه الأمة .)
فبكي سيدنا عمر وقال : اللهم لا تخلنا من واعظ وأنشد يقول :
تعلم فليس المرء يولد عالماً : وليس أخو علم كمن هو جاهل
فإن كبير القوم لا علم عنده : صغير إذا التفت عليه المحافل